2018/01/17

(دموع النوافذ) رواية جديدة للكاتبة إيمان الزيات

(دموع النوافذ) رواية جديدة للكاتبة إيمان الزيات
عن دار جولدن بوك للنشر والتوزيع صدرت رواية"دموع النوافذ" رواية جديدة للكاتبة إيمان الزيات.. وستعرض الرواية ضمن إصدارات الدار المقرر عرضها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2018.
فيما يلي تقدمة كلا من الناقد المغربي د. مصطفى شميعة، والأديبة د. نهلة جمال لها..
في رواية (دموع النوافذ)
“كل الذين يرحلون عن مدينتك للبحر كانوا يعودون مرة أخرى لشيء ما، زوجةٍ رثة، أو ابنةٍ مسلولة، أو بيتٍ منخور يشاركهم فيه جرذ يمارس حياته الطبيعية بحرية أكثر منهم، لكنك لن تكون مثلهم.

بلدةٌ قذرةٌ كجيفة، بعيدةٌ كمنفى لا يسمع عنه أحد.

لا شيء في هذا العالم الفارغ يمكنه أن يستبقيك أو يرضي طموحك، لا شيء في العالم الكبير الذي أمامك يمكنه أن يكبح جموحك.

لنفسك هَمْهَمْتَ على المرفأ قاطعاً الطريق على التردد: "هيا (دان) تشجع وارحل؛ فلست شجرة”.

“إيمان الزيات”
  يقول الناقد المغربي د. (مصطفى شميعة) في تقديمه لرواية (دموع النوافذ): ونحن نقرأ دموع النوافذ للمبدعة المصرية (إيمان الزيات) كمتن أدبي مختلف ومغاير بشكله، وحجمه، وفكرته ، ينفتح بدهشة أفق انتظارنا استعداداً لتلقي عمل استثنائي عميق برموزه الدلالية وبصوره وأحداثه وحبكته، وتنتصب أمامنا الأسئلة القلقة المتوجسة  لمُدارسة العمل مُدارسة تكون بحجم أهميته الأدبية التي ترقى إلى الأعمال التي تستدعي منا قراءة تأويلية تبسط العمل وتفكك نسيجه اللغوي، وتحاول القبض إن أمكن على دلالته الهاربة كالضوء في اتجاه اللامتوقع.

 ولعل من أوليات تبربر دهشة التلقي الأولى عتبة (العنوان) التي اختارتها الكاتبة بعناية لمنجزها الأدبي العميق؛ فالعنوان  باعتباره نصاً موازياً يثير أكثر من سؤال: "دموع النوافذ" عنوان يجسد دلالة متكاملة، وعالماً شهياً للكشف والتحليل، فكيف تبكي النوافذ؟  ومتى تذرف دموعها؟ من أجل من تبكي؟ ولماذا؟
لا تدَّعي الرواية الإجابة عن أسئلة المتاهات الأولى التي طرحناها هنا بشغف، وبقلق ارتياد   مسالك  التأويل ودروبه، بقدر ما تتحول الرواية ذاتها إلى بؤرة تساؤلات مُلحة، تفرض نفسها أمام تشابك العوالم الكبرى التي تفتحها الكاتبة في متخيلها السردي، وكأنها العوالم التي تذرف لها النوافذ الدموع، لتصير كل مكونات الرواية مداخل حقيقية للبحث عن شعرية البؤس، والحزن المتجلية في الصور والمشاهد، والمتغلغلة  في كل تفاصيل الحياة التي تعيشها شخصيات الرواية، على قلتها سواء  على البحر وهي تركب أشلاء سفينة متهالكة،  أو على الأرض داخل غرفة تبكي نوافذها جراء حياة اليأس الموغل في كل الجزئيات الصغيرة.
اذن في دموع النوافذ تختلف الأشياء عن طبيعتها، تتفرد الاستعارات، وتتشابك الصور تتمرد الفروع على الأصول، فتبدو اللغة غاضبة  تنسج لنفسها أكواناً من الوقاحة، والمرارة، والعشق، ونكون إزاء نص تصرخ فيه الكلمات، وتتحاور فيه أكواب القهوة المُرة، ويكون الإنسان حكاية من حكايات الوجود العابث الذي لا معنى له سوى في اللغة التي تبرع الكاتبة في تأليف موادها المتهالكة، كتهالك المدينة التي تحضن النص بكثير من الحميمية المطلقة.
لكن ونحن نسبح  بين شقوق المعنى في دموع النوافذ، نكتشف أن النص  ليس نصاً بكائياً بالمرة، بل هو تعبير عن انتصار الحب في الحياة، هو انتصار لفرح اللقاء الذي ينتج "شعوراً برتقالياً" هو نص متأجج بالجمال الإنساني، بل هو نص إقتران الجمال بالابتسامة المتفردة، إنه (نص الحياة).
“وفي صباح اليوم التالي كنت أنا من طبع على شفتيّ (ترينتي) هذه المرة قُبلة طويلة، خرجتُ من باب البيت أحرك مفاتيحي وأُصفّرُ بمرح من تداعب أنفه قطرات الكولا الفائرة، ألقيت على الجميع التحيّة، ولم أتذمر من كثرة الأوامر في العمل، سرتُ في الممرات مؤدياً بعض حركات (إلفيس بريسلي) الراقصة من حين لآخر، كنت منتعشاً كمن يخبيء سراً لذيذاً وحاراً عن الكون كله”.
“إيمان الزيات”
وكتبت  د. (نهلة جمال) أستاذة التربية بجامعة عين شمس بمقالها النقدي عن رواية (دموع النوافذ) للأديبة المصرية (إيمان الزيات) مشيرة إلى "تعدد الأصوات"، والثيمة البوليفونية بها فتقول: ما بين عنوان يحمل شجناً غريباً يختبئ خلف حواجز شفيفة، وإهداء يفصح عن مكنون الرواية بإيجاز شديد (للأحلام الضائعة) تأتي سطور رواية (دموع النوافذ) لتحمل لنا نقوشاً من أزمنة وأمكنة متباينة في ملامحها وطقوسها وأنماط فرحها وترحها، غير أن هذا التباين الذي قد يسبب للوهلة الأولي حالة الإرتياب من شرقية هويتها هو ذاته جواز مرورها للعقل والقلب بيسر ودون تكلف، فغرابة المسميات لم تحمل سوي محاولة هروب من ذاتية مجتمع ما للانفتاح علي أنانية الفكرة دون تقيد بعادات أو سياقات ما، الأمر الذي جعل التشويق والإثارة سمة أساسية لها .

تعدد الشخصيات المرتبطة بوجع الحب تكشف لنا في رحلة سريعة مكنون المعاناة الأدبية في الشرق، دمج سلس وراقي  لمشاهد الحب والعشق وتعدد أنماط الهجر ما بين هجر الحبيب، إلى هجر الفكرة، إلى هجر الحياة كلها، ما بين الزوجة والعشيقة نعبر بالسطور بحور من الأوهام التي تقذف بالمشاعر خارج أطر العقل و تؤدي إلي بتر العلاقات، وهو ما ظهر جلياً في نهايات القصص للابطال من موت مأساوي للبطلة (أليتا) كاتبة الاحداث الوهمية وجنون الأديب الشاب، وضياع البحّار العاشق الزوج  .

 انتقالات سريعة بين مشاهد تنبض بأصوات الطبيعة وتحمل أنين الماضي والحاضر، لترسم صور ذهنية مختلفة الأبعاد يعكس القارئ ذاته بها، فلا يملك سوي التهام السطور بنهم الجائع للحياة .

سرد متنوع ومكثف ولغة رصينة قوية تتناغم فيها الرقة بالوضوح والرصانة تنبض بالخيال الرائع  لتبقي دموع النوافذ تجربة روائية متفردة بعمق الفكرة وجمال التعبير وتعددية الرؤي والأصوات.

ليست هناك تعليقات: